السؤال: ما هو ضابط الاستطاعة من عدمها في صيام الشهرين المتتابعين في كفارتي الظهار والجماع في نهار رمضان؛ بحيث يعدل بعدها إلى الإطعام؟ وهل من الأعذار كون الشخص يعمل في أعمال شاقة بشكل شبه دائم؟.
الاجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فتى الاسلام عن مركز الفتاوى – قطر
فالاستطاعة معناها: أن يتمكن من الصيام بحيث لا يشق عليه مشقة غير محتملة، ولا يخشى معها مرض أو زيادته، وأما المشقة المعتادة التي يجدها الصائم عادة: فهذه لا يسقط معها الصيام.
وقد جاء في السنة مثال لما يسقط معه الصيام وينتقل به إلى الإطعام: ففي سنن الدارقطني في قصة من ظاهر من امرأته قال: فصم شهرين متتابعين. قال: أما إني إذا أخطأني أن آكل في اليوم مرتين يكل بصري. قال: فأطعم ستين مسكينا … إلخ.
ومثّل الفقهاء للأعذار التي يشق معها الصيام ويُنْتَقَلُ معها إلى الإطعام فقالوا -كما في الإقناع للشربيني الشافعي-:
لهرم أو لمرض يدوم شهرين ظنا المستفاد من العادة في مثله أو من قول الأطباء، أو لمشقة شديدة، ولو كانت المشقة لشبق وهو شدة الغلمة؛ أي: شهوة الوطء، أو خوف زيادة مرض … اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية: الشَّرِيعَةُ فِي هَذَا الأْمْرِ جَارِيَةً عَلَى الطَّرِيقِ الْوَسَطِ الأْعْدَل، لاَ تَمِيل إِلَى فَرْضِ مَا فِيهِ مَشَقَّةٌ تَبْهَظُ الْمُكَلَّفَ أَوْ تُقْعِدُهُ عَنِ الْعَمَل فِي الْحَال أَوِ الْمَآل، أَوْ تُدْخِل عَلَيْهِ الْخَلَل فِي نَفْسِهِ أَوْ عَقْلِهِ أَوْ مَالِهِ … اهـ.
والعمل الشاق يبيح الانتقال من الصيام إلى الإطعام بشروط؛ أولها: أن يشق معه الصوم مشقة غير محتملة، أو يخاف معه ضررًا في بدنه. وثانيها: أن يتضرر بترك العمل في معيشته. فإذا توافرت هذه الشروط ولم يمكن أخذ إجازة منه فإنه يعتبر عذرًا يبيح الانتقال من الصيام إلى الإطعام؛ قال صاحب كشاف القناع: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ: مَنْ صَنْعَتُهُ شَاقَّةٌ فَإِنْ خَافَ بِالصَّوْمِ تَلَفًا أَفْطَرَ وَقَضَى إنْ ضَرَّهُ تَرْكُ الصَّنْعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ تَرْكُهَا أَثِمَ بِالْفِطْرِ وَيَتْرُكُهَا وَإِلَّا؛ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْتِفْ التَّضَرُّرُ بِتَرْكِهَا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِالْفِطْرِ لِلْعُذْرِ.. اهـ.
وجاء في حاشية الروض للنجدي: وذكر الحنفية وغيرهم: أنه لو ضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة، فله أن يفطر ويقضي، إن أدرك عدة من أيام أخر، وإلا أطعم عن كل يوم نصف صاع … اهـ.
والله تعالى أعلم.
الشكر لكاتب هذا المقال