العفة والقناعة في تجميع المال

لقد خلق الله عز وجل النفس البشرية على حب وتقدير المال والدنيا ، والرغبة العالية لتجميعه وتدعيمه ، لأنه يعتبر معطيا للكثير من الملذات الحياتية الجميلة ومتعها المختلفة ، والتي قد تدفع الإنسان على كسب المال بالطرق الغير مشروعة ، فيظلم الإنسان لآخرين ويغشهم ويسرق منهم ويكذب عليهم ، ويأخذ الرشوات ، ويقع في المنكرات والمحرمات لأجل الحصول على المال.

23

ولا يقوى على كبح النفس البشرية من طلب المال الحرام إلا بالعفة والقناعة ، حيث يجعل النفس مراعية لتعاليم الدين والأخلاق السامية في تحصيل المال.
وعلى الإنسان في تحصيل المال أن يراعي هذه الأمور الثلاثة :

• العفة : هي الكف عما لا يحل للإنسان مهما كان جميلاً

• الكفاف : هو ما يكفي النفس ويمنعها من طلب المزيد من أي شيء

• القناعة : وهي الرضى بالقليل من العطاء
آثار العفة والقناعة:

إذا ابتعد المسلم عن جمع المال بالطرق الغير شرعية ، واقتنع بالقليل مما رزقه الله تعالى ، فإن ذلك يؤدي للابتعاد عن الكسب الحرام الذي يمنع من استجابة الله تعالى لدعاء من يدعوه، فمن أكل لقمة من الحرام لا يكافئ الله عمله أربعين يوما. كما أنه بالعفة نزيل الغش وكل أنواع الكسب الحرام ، ويؤدي كل فرد عمله وواجبه في إطار المباحات.
وللعفة أنواع عدة منها:

– عفة البطن : وتكون بمنع البطن من تناول كل ما هو محرم إن كانت حرمته من الله تعالى على أنه طعام محرم ، أم إن كان لغيره من الناس وتعدى على طعامهم دون إذنهم أو رضاهم.

– عفة الحواس : وهي بالامتناع عن الاستماع للكلام الفاحش الذي لا يمت لأخلاق الإسلام بصلة ، إضافة إلى غض البصر عن كل ما حرمه الله تعالى.

– عفة النفس : وذلك بمنع النفس عن الفجور .

– عفة الجوارح : وهو بمنع النفس عن الحقد والحسد

– عفة الفرج : أي الابتعاد عن الزنى بكل أنواعه.

لقد قيل الكثير من الأحاديث في القناعة بصورة عامة ومنها :

” لَيس الغِنَي عَن كثْرَةِ العَرضِ ، وَلكِنَّ الغنِيَ غِنَي النَّفسِ”

” قَدْ أَفلَحَ مَنْ أَسَلَمَ ، وَرُزِقَ كَفَافاً ، وَقَنَّعَهُ اللَّه بما آتَاهُ”

“اليدُ العُليا خَيْرُ مِنَ اليَدِ السُّفْلى ، وابْدَأ بمنْ تَعُولُ ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ ما كان عنْ ظَهْرِ غِني ، ومَنْ يَسْتعْففْ يُعفُّهُ اللَّه ، ومَنْ يَسْتغْن يُغْنِهِ اللَّه”

“لا تُلْحِفُوا في المسأَلَةِ ، فو َاللَّه لا يَسْأَلُني أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئاً، فَتُخرِجَ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئاً وَأَنا لَهُ كارِهٌ ، فَيُبَارَكَ لَهُ فيما أَعْطَيْتُهُ”

“لَيْسِ المِسْكِينُ الَّذِي يطُوفُ عَلى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ واللُّقْمَتانِ ، وَالتَّمْرَةُ والتَّمْرتَانِ ، وَلَكِنَّ المِسْكِينَ الَّذِي لا يجِـدُ غِنًى يُغنِيهِ ، وَلاَ يُفْطَنُ لَهُ ، فَيُتَصدَّقَ عَلَيْهِ ، وَلاَ يَقُومُ فَيسْأَلَ النَّاسَ”
وقيل في القناعة من الأقوال ماورد في هذه الأقوال:

“خير الغنى القنوع و شر الفقر الخضوع”

“ثلاث من كن فيه كمل عقله :من عرف نفسه , و ملك لسانه , و قنع بما رزقه الله .”

“هي القناعة فالزمها تعش ملكا لو لم يكن فيك الا راحة البدن و انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن و الكفن ”

“إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة، فإنها مال لا ينفد؛ وإياك والطمع فإنه فقر حاضر؛ وعليك باليأس، فإنك لم تيأس من شيء قطُّ إلا أغناك الله عنه”

ملخص

الكثير من الأشخاص يفضلون ويحبون المال والدينا ، والكثير يسعون لتنمية أموالهم ، لأنه يمكن من خلاله الحصول على ملذات الحياة المختلفة ، كما ان مجموعة من الافراد يقومون بالعديد من الطرق الغير مشروعة في تحصيل المال وذلك للحصول على اكبر قدر ممكن من الاموال خلال فترة زمنية قصيرة ، فمنهم من يقوم بأخذ الرشوات ومنهم من يقوم بالسرقة ، ولا يقوى أحد من الاشخاص على رفض المال الحرام الا بالعفة والقناعة ، كما يجب على الانسان التحلي بالعديد من الامور ويراعيها وهي العفة وهي بأن يكف الفرد عن ما هو ليس حلاله مهما كانت درجة جماله ، بالاضافة الى الكفاف وهي الحالة التي تعرف بأن يكف الفرد نفسه ويقوم بمنعها عن طلب المزيد من اي شيء ، بالاضافة ايضاً الى القناعة وهي الحالة التي يرضى بها الفرد بما اتاه من رزق من الله سبحانه وتعالى مهما كان قليلاً .

One Comment

اترك رد