المقاهي الشعبية الكويتية

اهلا و سهلا بكم زوارنا الأحبة زوار موقع الكويت kwt32

سأقدم لكم اليوم مقالا نتحدث فيه عن المقاهي الشعبية في دولة الكويت وما هي ادوار هذه المقاهي والكثير عن هذه المقاهي…

kkj

 

المقاهي الشعيبة- كما يحلو أن نسمّيها في هذه الأيام- كانت مركزًا تجاريًا هامًا، خاصة في الصباح الباكر وبعد الظهر، حيث كان زوّارها يأتون من كل صوب وحدب فيجتمع تجّار اللؤلؤ ونواخذة الغوص الطواشين وتجّار السلع والمواد الغذائية فيتبادلون المعلومات ويبيعون ويشترون، ويشاركهم في ذلك تجّار ورجال من دول الخليج العربي، حيث يتمّ فيها إجراء العقود من بيع وشراء أيضًا وانجاز الصفقات التجارية. وقد عرف الكويتيون المقاهي أو كما يسمّونها «القهوة»، وكانت بدائية في أثاثها وديكوراتها الداخلية، حيث تتكوّن من كراسي خشب تفرش أحياناً بقطع من السجّاد، وكانت هذه المقاهي تقدّم القهوة العربية فقط. بعدها عُرف مشروب الشاي، ثم بدأت بتقديم المشروبات الباردة مثل الشربت، ثم المشروبات الغازية مثل النامليت بوتيله في ذلك الوقت. وبعض المقاهي أدخلت إضافات على تقديمها للخدمات لروّادها مثل تقديم الدندرمة (الأيس كريم)، من إنتاج محلي بحت بعيدًا عن أي إضافات صناعية أو ألوان أو غيرها من المحتويات الصناعية. وقد ازدادت وانتشرت المقاهي في الكويت خاصّة في ساحة الصفاة.

أهم المقاهي القديمة

المقاهي الشعبية كانت تعدّ مركزًا تجاريًا للقادمين من البادية والبصرة، كما كانت تنتشر المقاهي أيضًا في السوق الداخلي، وأسواق التجّار، وسوق الصراريف، وسوق الحرس. وأصبح هناك تنافس بين الأحياء في تواجد المقاهي مثل جبلة، شرق، المرقاب، منطقة الوسط. وكان روّاد المقاهي يقضون الوقت في تبادل الأحاديث وأخبار الديرة والاطمئنان على بعضهم البعض ولقاء من لم يرونه لفترة طويلة. كما كانت المقاهي الشعبية عبارة عن دكاكين صغيرة تضمّ عددًا من الكراسي الخشبية. ومن أهم مقاهي الكويت القديمة: قهوة بوناشي، وقهوة النوخذة، وقهوة الدهن، وقهوة بوعباس، وقهوة ابن عقاب، وقهوة ابن سلطان، وقهوة الحَمَارة، وقهوة بولند، وقهوة بوعاشور، وقهوة كرم، وقهوة ابن حيدر، قهوة ابن فهيم، قهوة نويدر، وقهوة خضير، وقهوة الطواويش، وقهوة الريس، وقهوة مارضا، وقهوة ميرزا.

نسيج اجتماعي

كما كان للمقاهي مقاصد اجتماعية: كاجتماع الأصدقاء والاستفسار عن بعضهم البعض، ومعرفة ما يحدث في محيطهم، وأخبار البحّارة والسفن، خاصة في غيابهم، وعندما يغيب أحدهم عن الحضور يتساءلون عنه ويقومون بزيارته عند مرضه، كما أنهم كانوا يشربون القهوة العربية والنامليت ويدخّنون القدو والنارجيلة، وكان يتمّ تحضير الجمر عن طريق لوجاغ (التنور). وقد نجحت المقاهي الشعبية في جمع وتآلف الكويتيين وانصهارهم مع بعضهم البعض ممّا زاد من التقارب واللحمة بين أبناء البلد الواحد. ولقد كان صاحب المقهى يقوم بعمل الشاي والقهوة العربية واستقبال الأهالي والزبائن ومحاسبتهم، وكان له معاون يقوم بتقديم الشاي والقهوة ثم الغليون وعددهم واحد إلى اثنين، كما كان لصاحب المقهى ومعاونه لبس خاص، حيث كانوا يلبسون الوزار فوق الثوب ويلبسون الطاقية. وكان مرتادو المقاهي يجلسون على الكراسي الخشبية (التكة) التي كانت تستوعب أكثر من شخص. وأبرز ما كان يميّز هذه المقاهي أن الجميع يرتادها، من شيوخ وأعيان وأصحاب المهن البسيطة والعادية والتجّار، وكم من صفقة تمّت في هذه المقاهي، وكم من مشاورات قد دارت أيضًا فيها.

وبعد الطفرة الاقتصادية ومسيرة النمو التي تحققت بسواعد أهل الكويت، وبالرغم من التطوّر والتقدّم الذي سجّلته الكويت في مختلف الميادين، إلا أن عبق التاريخ والماضي الجميل بقي في وجدان الكويتيين، لما لهذا الفلكلور من دور في حياتهم وماضيهم العريق، حيث تجّسد- اليوم- المقاهي الشعبية المنتشرة في مناطق الكويت تراثاً خلفه الأجداد والآباء، وبات موقعًا ومزارًا لمحبي الأصالة والتاريخ، حيث كانت دعوة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح- رحمه الله- لإقامة المقاهي الشعبية لتعيد لنا ذكريات الماضي والتراث القديم بما يحقق التواصل مع الحاضر و متغيّراته. لذا تعدّدت المقاهي وانتشرت في معظم مناطق الكويت وتحديدًا على الواجهة البحرية، حيث أصبحت تستقبل روّادها من داخل وخارج الكويت وعُرفت واشتهرت بها بين شقيقاتها من الدول الخليجية.

القهاوي قديمًا

ولقد دخلت إلى المقاهي بعض الألعاب المسلية مثل (البليارد) و(الدومنة) ولعبة (طاشت ما طاشت): حيث يقوم بعض الأشخاص برهان مع زميله بخض غرشة النامليت، فإذا فاضت تعتبر طاشت ويكون هو الكاسب ضد زميلة الآخر، بالإضافة إلى دخول (المذياع) والذي يعتبر البداية في ابتعاد الأهالي عن المقاهي- وخاصة من كبار السن- لما فيه من أغاني وطرب. وقد اشتهرت هذه المقاهي في المنطقة وذاع صيتها في دول الخليج العربي والهند، لما تقوم به من دور بارز من عقود تعارف بين رجال دول المنطقة. وبما أن الكويتيين اعتادوا- منذ القدم- على التجمّع في المقاهي الشعبية حيث يتبادلون الأحاديث والآراء، وحرصًا على تقاليد المجتمع الكويتي وعاداته، فقد تفضّل صاحب السمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح- رحمه الله- بالدعوة إلى إقامة المقاهي الشعبية لتعيد لنا ذكريات الماضي وتراثه بما يحقق التواصل مع الحاضر ومستجدّاته، لذلك تعدّدت المقاهي وانتشرت في معظم مناطق دولة الكويت.

حداثة اليوم

أما المقاهي الحديثة فإنها توفّر لمرتاديها جميع الخدمات من وسائل تسلية وترفيه للترويح عنهم، كما تضمّ هذه المقاهي الشعبية ديوانية خارجية تطلّ على شاطئ البحر، وأخرى داخلية شتوية، كما أن هناك صالة للعائلات وساحات خضراء خصّصت لألعاب الأطفال، كما زوّدت بمرافق أخرى من مصلى ومكتب أمن ومواقف للسيارات. ومن أبرز المقاهي الحديثة: المقهى الشعبي في شرق (قرب سوق شرق)، وأيضًا المقهى الشعبي في السالمية، وهناك أيضًا في (أبو حليفة)، وفي منطقة الصليبخات، وكذلك المقهى الشعبي في بوم البحار (جبلة)، حيث تقدّم هذه المقاهي مختلف وسائل الترفيه من إعداد مسابقات واحتفاليات بالأعياد والمناسبات الوطنية والعامة وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن مشاعرهم بالمشاركة في هذه المناسبات. بالإضافة إلى صالة الألعاب التراثية من الدامة ولعبة الدومنة والورق التي تجمع الرعيل الأول وجيل اليوم بقضاء وقت ممتع وبمشاركتهم ذكريات الماضي في أحاديث تعود بهم إلى الأيام الجميلة.

أطباق شعبية

بعض المقاهي تقوم بإعداد الأكلات الشعبية بأسعار زهيدة، فممّا يميّز المقاهي الشعبية: حفاظها على تقديم الأطباق الشعبية المعروفة قديمًا في الكويت، حيث تقدّم بالطريقة ذاتها بأطباق خاصّة مع الخبز الساخن وخبز الرقاق مثل النخي والباجيلا والمشويّات من التكة والكباب والكبدة. أما المشروبات فيقدّم الشاي بأنواعه المختلفة: شاي الليمون وشاي الدارسين، وأيضًا القهوة العربية. وفي شهر رمضان تقدّم أصناف من الحلويات من الغريّبة واللقيمات والزلابية. كما تتمّ إنارة المقاهي كاملا من حدائقها ومساحاتها الخضراء لتزهو في هذا الشهر وتستقبل روّادها ممّن يفضّلون قضاء وقت ممتع يمتدّ حتى ساعات الفجر من خلال المسابقات الرمضانية والألعاب الشعبية.

تقسيم المقاهي

ويمكننا تقسيم المقاهي الموجودة الآن في الكويت إلى قسمين، القسم الأول: المقاهي الحكومية التي تتبع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والتي من أشهرها: مقهى سليمان الشميمري والذي يقع في منطقة شرق قرب المستشفى الأميري والذي توجد فيه إدارة المقاهي الشعبية أيضًا، كما أن هناك قهوة قبلة والتي كانت موجود في بوم البحار، وبعد إزالته انتقلت حديثاً إلى ساحة العلم، وهناك أيضًا مقهى السالمية، ومقهى أبو حليفة، ومقهى الصليبخات، ومقهى الجهراء، وأيضًا هناك مقهى الرعيل الأول والذي يقع في منطقة شرق أيضًا. وهذه المقاهي تفتح أبوابها من الساعة 3 عصرًا وحتى الساعة 10 أو 11 وذلك يعتمد على عدد إقبال الروّاد، فيما عدا مقهى الرعيل الأول والتي تفتح منذ صلاة الفجر وحتى المغرب، ثم تقفل أبوابها بعد ذلك. إن زوّار تلك المقاهي من جميع الأعمار، فهناك الشباب وكبار السن أيضًا، وأغلب الروّاد ليسوا من الزبائن الدائمين. وهذه المقاهي تقدّم أنواعًا مختلفة من وجبات الطعام مثل المشاوي وغيرها، بالإضافة طبعًا إلى القدو والشيشة أيضًا. إلى جانب أنواع المشروبات المختلفة، والجميل في الأمر أن الأسعار لازالت رمزية، فرأس القدو مثلا بـ 150 فلس، والشاي بـ 50 فلس، بينما قوري (إبريق) الشاي بـ 250 فلس. والقسم الثاني من المقاهي: مقاهي خاصة لا تتبع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بل هي ملك لأفراد، وهي مقاهي قديمة لازالت موجودة للآن. وهذه المقاهي تقدّم نفس الخدمات والأصناف التي تقدّمها المقاهي الحكومية وبأسعار مقاربة، لكن أوقاتها تختلف، حيث إنها تفتح حتى في الصباح. كما أن لها روّادًا خاصّين يتردّدون عليها دائمًا وهم معروفين فيها، ونادرًا ما يأتيهم زائر عابر، وروّادها يأتونها في أي وقت ومهما كانت الظروف، سواء كان الجو حارًا أو باردًا. ومن تلك المقاهي: مقهى بوناشي، ومقهى مراد، ومقهى مهدلي وغيرها، والتي تجمع الذين كانوا يعملون في سوق الجت، وسوق السمك القديم، وشارع الغربلي، ودروازة عبد الرزاق.

أقدم وأول مقهى

ومقهى بوناشي يُعتبر أقدم وأول مقهى في تاريخ المقاهي الشعبية في الكويت، ويعود تاريخ إنشائه إلى عهد الحاكم الثاني للكويت الشيخ عبد الله ابن صباح حوالي عام 1775م عندما قدم إلى الكويت رجل من أهالي الإحساء معروف باسم (أبو ناشي) وافتتح مقهى عند مدخل قيصرية التجّار وسوق المناخ القديم في الجهة الشمالية لمسجد السوق الكبير، وعندما توفي المؤسّس الأول للمقهى (أبو ناشي) جاء بعده معاونه في المقهى المرحوم خليفة بن الشريدة الذي عُرف فيما بعد بين روّاد المقهى باسم (خليفة بو ناشي)، ثم جاء بعده ابنه فيصل، ثم انتقلت الإدارة إلى أحد أقارب المؤسّس الأول «ناصر بوناشي»، واستمر المقهى في استقبال روّاده حتى عام 1953م حيث أزيل نهائيًا، إلا أنه في الآونة الأخيرة بنت الحكومة مقهىً تراثيًا بالموقع الذي كان عليه في الماضي وأخذ الاسم السابق نفسه!.

اترك رد