اهلا و مرحبا بكم زائرينا الاعزاء عبر موقعكم المميز kwt32.com سنتحدث اليوم عن موضوع بعنوان خصائص المدينة الفاضلة عند الفارابي..

المدينة الفاضلة في نظر الفارابي هي المدينة أو المجتمع الذي تتحقق فيه السعادة للأفراد على أكمل وجه ، وذلك كجمهورية أفلاطون تطغى عليها مبادئ العدالة والحق ويعيش فيها الأفراد على نحو من التكامل والوفاق ،علماً بأن السعادة التي ينالها الأفراد في المدينة الفاضلة لا يمكن أن تتحقق وتكون شاخصة إلا إذا تعاون الأفراد واحدهم مع الآخر ، واختص كل واحد منهم بالعمل الذي يحسنه وبالوظيفة المهيأ لها وفق طبيعته البيولوجية أو الوراثية ، والمدينة الفاضلة تشبه البدن الصحيح الذي تتعاون أعضاؤه كلها على تكامل الحياة وعلى حفظها وحمايتها واستمراريتها .

وأهم خصائص المدينة الفاضلة كما حددها الفارابي هي :


تعتمد المدينة الفاضلة على مبدأ التعاون بين أفرادها وفئاتها الاجتماعية مهما تكن تخصصاتها الوظيفية وأعمالها ، فالفارابي يقسم أهل المدينة الفاضلة إلى ثلاث مجموعات حسب الأعمال التي تمارسها هذه المجموعات ، فهناك مجموعة القادة والحكام ورجال الدين ، ومجموعة العسكريين والجنود والمدافعين عن المدينة ، وأخيراً مجموعة الصناع والفلاحين الذين ينتجون للمدينة ويوفرون لها ما تحتاجه من طعام وكساء ولوازم ومعدات وتقنيات تحتاجها في حياتها اليومية ، إذن التعاون في المدينة يعتمد على نظام تقسيم العمل والتخصص فيه ، والتعاون الذي يقوم بين البشر على أساس تقسيم العمل هو الذي يفسر أصل وطبيعة الاجتماع البشري .

أن تقسيم العمل في المدينة الفاضلة التي وصفها وتكلم عنها الفارابي يعتمد على الحالة أو الطبيعة الوراثية للناس ، فالناس يقسمون حسب طبيعتهم الوراثية إلى ثلاث مجاميع أساسية هي مجموعة يسيطر العقل والحكمة والمنطق على نفسها البشرية ، ومجموعة تسيطر العاطفة والانفعال والحماسة على نفسها البشرية ، ومجموعة ثالثة تسيطر الغريزة والفطرة على نفسها البشرية ، فالمجموعة التي تسيطر عليها النوازع العقلانية تصلح أن تمارس مهنة القيادة والحكم والفلسفة والقضاء والدين ، والمجموعة التي تسيطر عليها النوازع العاطفية والانفعالية تصلح أن تمارس المهنة العسكرية التي تدافع عن المدينة الفاضلة ضد أعدائها في الخارج ، والمجموعة التي تسيطر عليها النوازع الغريزية والفطرية تصلح أن تمارس مهنة الإنتاج الزراعي الذي يوفر الغذاء للمدينة ، ومهنة الإنتاج الصناعي الذي يوفر الوسائل والمعدات والتقنيات التي تحتاجها المدينة في حياتها اليومية ، إضافة إلى مهنة التجارة المسئولة عن عمليات تبادل وبيع وشراء السلع والخدمات .

تظهر العدالة في المدينة الفاضلة وتعم السعادة بين الناس عندما تؤدي كل مجموعة من المجاميع الوظيفية عملها المؤهلة على القيام به بموجب صفاتها التكوينية والوراثية ولا تتدخل في شؤون المجموعات الأخرى ، ويخبرنا الفارابي بأن الظلم يحل وينتشر في المدينة عندما تتدخل كل مجموعة وظيفية في شؤون المجموعات الوظيفية الأخرى.

تتكون المدينة الفاضلة من ثلاث طبقات اجتماعية أساسية هي طبقة القادة والحكام ورجال الدين وطبقة العسكريين وطبقة الصناع والفلاحين وتقسيم أو تصنيف المدينة إلى هذه الطبقات يعتمد على الصفات الوراثية والتكوينية التي يتميز بها أفرادها ومنتسبيها .

يشبه الفارابي المدينة الفاضلة بالكائن الحيواني الحي ، فالمدينة الفاضلة تتكون من نظم متكاملة ومتصلة الواحدة بالأخرى كالنظام السياسي والنظام الديني والنظام الاقتصادي والنظام الأسري ، وإن أي تغيير يطرأ على أحد هذه النظم لابد أن يؤثر على النظم الأخرى فيغيرها من نمط إلى نمط آخر .

يعتقد الفارابي بأن المدينة الفاضلة تستند على المبادئ المثالية والجمعية ، ذلك أن القائد يجب أن يتفانى في خدمة المجموع ، وأن الفرد ينبغي أن يخدم الجماعة ويضحي من أجلها وأن يتنكر لمصلحته الذاتية في سبيل المصلحة الجماعية طالما أن مصلحة المجموع تعلو على مصلحة الفرد ، علماً بأن الفارابي لا ينكر أهمية الفرد في الجماعة ودوره في تنميتها وتحقيق غاياتها .

يعتقد الفارابي بأن المدينة الفاضلة لا تكون ساكنة وغير قادرة على النمو والتحول ، بل تكون ديناميكية ومتحولة بمرور الزمن ، فالمدينة الفاضلة كما يخبرنا الفارابي تتحول من مجتمع صغير إلى مجتمع متوسط الحجم ثم إلى مجتمع كبير .

يعتقد الفارابي بأن من أهم وظائف المدينة وأكبرها خطراً هي وظيفة الرئاسة ، ذلك أن رئيس المدينة أو قائدها إنما هو منبع السلطة العليا ، وهو المثل الأعلى الذي تتحقق في شخصيته جميع معاني الكمال ، وهو مصدر حياة المدينة ودعامة نظامها ، ومنزلة الرئيس بالنسبة للأفراد كمنزلة القلب بالنسبة لسائر أعضاء الجسم .

ترتكز المدينة الفاضلة على أسس دينية وفلسفية مستنبطة من تعاليم وممارسات الإسلام لاسيما ما يتعلق منها بالمبادئ والمثل والقيم التي يؤكد عليها الإسلام كما جاء في الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والشريعة الإسلامية .

 يعتقد الفارابي بأن المجتمع الفاضل هو المجتمع الذي يقوده رئيساً متميزاً بصفات فطرية ومكتسبة نادرة ، وأن المجتمع لا يكون فاضلاً إلا إذا سار أعضاؤه على غرار رئيسهم بحيث أصبحوا صورة منه ، وأن الرئيس لا يعد مؤدياً لرسالته إلا إذا وصل بهم إلى هذا المستوى الرفيع ، وهنا يقول الفارابي بأن أجزاء المدينة الفاضلة ، أي أهلها وأفرادها ، ينبغي أن تحتذي بأفعالها مقصد رئيسها

اترك رد