أنت.. تدخل إلى موقعك kwt32 المُفضّل لمتابعة مستجدات الأخبار التقنية، خبر هنا عن أبل وخبر هناك عن سامسونج، ربما تجد قوقل ومايكروسوفت في المنتصف، ترى خبر مهم عن أبل -أو سامسونج يا مُحبي سامسونج!- تُقرر الدخول لمتابعة تفاصيل الخبر، تنتهي من القراءة ثم تقرر التعليق على أحد النقاط المذكورة في الخبر، ثم فجأة تتوقف وتنظر بكل الدهشة.. لقد رأيتها.. نعم، صدّق عينيك فأنت في كامل وعيك، إنّها الحرب الشعواء بين محبي أبل ومحبي سامسونج، فهذا يشتم ذاك لأنّه لا يفهم شئ في التقنية ويتهمه بالجهل وقِصر النظر، وذاك يرد على هذا بأنّه طفل صغير -تُذكركم بشئ؟- لا يفهم كيفية الحوار مع الآخر، وبالطبع الكاتب له نصيب من هذه الحرب أيضًا، فهو راعي الحرب الرسمي!
انتهيت من قراءة التعليقات ثم أغلقت الموقع لتذهب إلى موقع آخر أملًا في حرب أقل عُنفًا من تلك التي نلت شرف زيارتها منذ قليل، لُتفاجئ بنفس الأمر وبنفس الطريقة، مجموعة من الشتائم المتبادلة والتحيز والتعصب الذي يكفي لتحرير فلسطين إذا وُضِع في مكانه المناسب! تنتهي من زيارتك ثم تأمل أن يعود العرب جميعًا -من باب القومية العربية- إلى عصر ما قبل التقنية.
هذا لسان حال أغلب زوار مواقع التقنية العربية في يومنا هذا، إذا كان الزائر من غير المتعصبين بالطبع. للأسف أصبح التعصب لدينا في كل شئ، وهذه المرة بين شركتين فقط (أبل وسامسونج) فأنصار الأولى يتهمون الثانية بالتقليد ويفخرون بشركتهم التي تبدع على كل صعيد وأنّها لا يُمكن أن تُخطئ أبدًا، بينما مُحبي الثانية يتهمون الأولى بالتكبر واحتقار الآخر ويدافعون دومًا عن الكورية كونها تستطيع الابتكار من آن لآخر. كلا الفريقين دومًا في حالة تحفز وجاهزية للقضاء على الآخر، لكن ما الأصل في هذا التعصب؟ ما الذي وصل بنا إلى هذه الحالة؟!
بالعودة للوراء قليلًا سنجد أنّ أبل هي أول من ابتكر هاتف ذكي (بالشكل الذي نراه اليوم، لا تُحدثني عن iMate وخلافه) يحمل شاشة كاملة تعمل باللمس في 2007، وقتها أعلنت عن iOS لأول مرة كنظام تشغيل متكامل للهاتف. نجحت أبل في ذلك الوقت في جذب الأنظار إليها كشركة مُبدعة ذات رؤية مستقبلية شاملة بقيادة الرائع الراحل ستيف جوبز، ووقتها أيضًا كان الآيفون -حسب رأي فريق سامسونج- مصدر فخر لحامله (بكل ما تعنيه الكلمة من معنى) فوجود شارة التفاحة في خلف الجهاز تعني أنّك باختصار لن تتحدث مع مالكه إلا بموعد مُسبق!
كانت هذه الحال حتى قام أندي روبين بتطوير نظام أندرويد ثم تشتريه قوقل وتوفره كنظام مفتوح المصدر لجميع الشركات للاستفادة من قدراته الهائلة في تطوير الهواتف الذكية، وقد كان. بدأ الجيل الأول من أجهزة أندرويد مع هاتف HTC Dream الذي تم إطلاقه في أكتوبر 2008 على الرغم من شراء قوقل النظام في 2005، وكانت المنافسة مع آيفون أبل صعبة وقتها، حتى قررت سامسونج الدخول لهذا السوق، وقد كان القرار الأصوب للشركة عبر تاريخها. منذ دخلت سامسونج عالم الأندرويد وهي تكسب أرضًا جديدة في سوق الهواتف الذكية (وقتها لم تكن هناك لوحيات) حتى جاء الوقت الذي استطاعت فيه أن تُسيطر بالكامل على سوق الأندرويد عبر القائمة العريضة من منتجاتها المتنوعة.
حتى الآن لا مُشكلة، شركتان متنافستان في سوق واحد، أمر طبيعي جدًا حدوثه في عالم المال والأعمال، لكن المتحيزين كان لهم رأي آخر. بالنسبة لفريق أبل كان يسخر من محاولات وأجهزة سامسونج في البداية ويرى أنّها لن تنافس أبل بحال ثم مع ارتفاع حصة سامسونج تدريجيًا في السوق وانخفاض حصة أبل تلقائيًا، بدأ القلق يساور هؤلاء القوم، وبدأت التساؤلات: كيف تفوز سامسونج بهذه المبيعات؟ هل هذه الأرقام حقيقية؟ بالتأكيد لا! وبدأت الاتهامات بالتقليد وعدم الابتكار ووصف منتجات سامسونج المختلفة بأنّها مجرد نسخ ولصق من إبداعات أبل.
الحقيقة أنّ مُحبي أبل لا يرون سامسونج كشركة هواتف ذكية، إنّما يرون أنّها أندرويد وحسب، أجل أندرويد. فنظام قوقل بهذه القوة بسبب مبيعات سامسونج وتنوع منتجاتها، ويكفي أن تعلم أن حصة أجهزة سامسونج من نظام أندرويد بلغت 63 بالمئة في نوفمبر من العام الماضي، وقد تصل هذه النسبة إلى 70 بالمئة في وقتنا هذا.
أمّا فريق سامسونج فكان له رأي آخر، فقد أصبح في موطن قوة بعد الأرقام التي تُحققها الشركة في السوق ومنتجاتها المتنوعة التي بدأت في الاستحواذ على المبيعات، فأصبح يدافع باستماتة عن الكورية ويسخر من طوابير انتظار الآيفون، ويتحين الفرص للخروج بأي عيب في الآيفون للسخرية منه ومن أبل ومن محبي أبل وكل ما تمت له أبل بصلة!
ببساطة مُحبي أبل يكرهون سامسونج لأنّها تُمثل نظام أندرويد الذي قضى على سيطرة أبل في السوق، بينما مُحبي سامسونج يكرهون أبل بسبب تفاخر مُحبي أبل بأجهزتهم -حسب رأيهم. قد يكون هذا التفسير ساذج، لكنني لم أجد أي تفسير آخر لهذه الحالة من التعصب والكره بين الفريقين، التعصب الذي وصل لدرجة عدم الاعتراف بالأخطاء التي ترتكبها الشركة. أبل مبدعة ولكنّها تُخطئ أحيانًا، وسامسونج قلّدت أبل في أوائل عمرها بسوق الهواتف الذكية، لكنّها تُبدع أيضًا على أكثر من صعيد، كما يجب توضيح أنّ أنصار الشركة غير مستخدمي منتجاتها، شتّان الفارق يا رجل!
جزاك الله خير