استطاع اليز بعد خبرة عميقة و دراسات متنوعة ، حصر الكثير من الافكار غير العقلانية و غير المنطقية التي كانت سبب في اضطراب سلوك أصحابها أو على الأقل في الاساءة إلى كفايتهم الانتاجية .

و يصر أليز أن العصابي ما هو إلا شخص تبني أفكاراً غير عقلانية ، و أحكاماً لا منطقية حاول التعامل مع الواقع من خلالها فحصد شقاءً و تعاسة و ضعف إنتاج .

وكانت الأفكار التالية في تلك التي حصرها ، و عدها شائعة في المجتمعات التي درسها :

1- ” من الجوهري أن يكون الانسان محبوبا و مقبولا في بيئته و من قبل كل المحيطين به ” هذه الفكرة ( زعم ) ادعاء غير عقلاني لأنها تتعلق بهدف غير قابل للتحقيق ، و الذي سيحاول تحقيقه سيفقد اتجاهه و يغدو أقل احساساً بالأمن و أقل تقديراً لذاته . و من المستحسن أن نُحَب ، و لكن الشخص المنطقي لا يضحي بكل اهتماماته و رغباته من أجل الهدف ، وانما يحاول أن يكون لطيفاً مبدعاً و منتجاً ، و بهذه الطريقة يعبر عن رغبته في أن يُحَب .

2- ” ينبغي أن يكون الشخص على درجة عالية من الكفاية و أن يكون على يقين بأنه جدير بكل شيء ” .
وذلك يندرج أيضا في عداد الأمور صعبة التحقيق . و نضال الفرد بصورة مندفعة لتحقيق ذلك قد يؤدي إلى الامراض الجسمية النفسية و الى الشعور بالعجز و إلى فقد الثقة بالنفس و إلى الحرمان من الاستمتاع بالحياة الخاصة ، و قد يؤدي ذلك بالتالي إلى الشعور الدائم بالخوف من الفشل . أما الشخص العاقل فيجتهد في فعل الأفضل لذاته هو و ليس من أجل أن يبذ الآخرين و يتفوق عليهم . يبذل الجهد الذي يشعر بالاستمتاع بذلك النشاط كغاية في ذاته و ليس من أجل نتيجته .

3- ” بعض الناس شر و أذى و على درجة عالية من الخسة و الجبن و النذالة لذلك هم يستحقون العقاب و التوبيخ ” .
هذه فكرة غير عقلانية لأنه ليس هناك معيار مطلق للصواب و الخطأ . و الأعمال الخاطئة أو غير الأخلاقية قد تكون نتيجة للغباء أو الجهل بخطئها أو نتيجة للاضطراب الانفعالي وكل انسان عرضة للسقوط و عمل الاخطاء ، و العقاب و التعنيف لا يؤدي بالضرورة إلى تحسين السلوك ، و إذا لم يؤد العقاب و اللوم الى تقليل من الخطأ أو الغباء أو إلى زيادة الذكاء أو إلى حالة انفعالية أفضل فإن الاعتقاد بالفكرة السابقة لا أساس له أو لا مبرر له ، و غالبا ما يؤدي العقاب و اللوم إلى سلوك أسوأ أو إلى اضطراب انفعالي أشد ، و الشخص العاقل الذي لا يلوم نفسه و لا يلوم الآخرين . وإذا لامه الآخرون فإنه يحاول أن يصحح سلوكه إذا كان خطأ ، فإذا تأكد له أنه غير خاطئ فانه يدرك أن لوم الآخرين له دليل على اضرابهم هم ، و إذا وجد الآخرون يخطئون فإنه يحاول أن يفهمهم ، و إذا أمكن فإنه يحاول أن يساعدهم على التوقف عن الخطأ و إذا رأى أن ذلك غير ممكن فإنه يحاول ألا يتعرض للأذى أو الألم بسببهم . و حينما يخطئ هو فإنه يعترف بخطئه و يتحمل تبعاته و لكنه لا يعد ذلك كارثة و لا يؤدي به إلى الشعور بعد الأهمية .

4- ” مأساة أن لا تسير الأمور مثلما و كيفما نريد ” من الواضح أن الفكرة غير منطقية و علينا قبول الاحباط كأمر عادي .
و الحزن بعمق و لمدة طويلة ردا على الاحباط يمكن تفنيده بـ :
أ- أنه ليس سبب لاختلاف الاشياء عما هي عليه في الواقع.
ب- أن الشعور بالهم و الحزن لن يغير كثيراً من الموقف الحالي بل قد يزيده سوءاً .
جـ- أنه اذا كان من المستحيل فعل شيء ازاء الموقف فالشيء الوحيد المعقول هو أن نتقبله .
د- أن الاحباط لا يؤدي إلى الاضطراب الانفعالي الا اذا صور الانسان الموقف بصورة تجعل الحصول على الرغبات ضرورياً لتحقيق السعادة و الرضى .
وينبغي أن يتجنب الشخص العاقل المبالغة في تصوير المواقف غير السلرة و أن يعمل بدلاً من ذلك على تحسينها اذا أمكن و اذا لم يكن من الممكن تحسينها فإنه يتقبلها . و قد تؤدي المواقف المؤلمة إلى الاضطرابات ، و لكنها لا تصبح كوارث أو مصائب فادحة الا اذا تصورها الفرد على هذا النحو .

5- تعود التعاسة لأسباب خارجية لا نملك القدرة على مراقبتها أو ضبطها بأية طريقة ، صحيح أن القوى و الاحداث الخارجية قد تشكل في مظهرها عدواناً على الانسان و تهديدا لأمنه الا أن هذا التصور نفسي في طبيعته فالاشياء الخارجية قد لا تكون مدمرة بذاتها و لكن تأثير الفرد بها و اتجاهاته نحوها وردود أفعاله تجاها هو الذي يجعلها تبدو كذلك فالفرد يسبب الاضطراب الانفعالي لنفسه و ذلك حين يضخم الأمور و يهول في تصور الأحداث و نتائجها كأنه يقول لنفسه مثلا إن كرهني فلان أو عاداني كأن ذلك أمراً خطيراً مهدداً لا أستطيع احتماله ، فإذا عرف الفرد أن اضطراباته وانفعلاته تتكون نتيجةلادراكاته و تقويمه للأمور وحكمه عليها و نتيجة لأفكاره و تصوراتع الداخلية تجاهها فإنه سوف يتعلم أنه من الممكن السيطرة عليها وضبطها أو تغييرها أو تجنب آثارها الضارة . و الشخص الذكي هو الذي يعرف أن التعاسة تأتي غالباً من داخل النفس ، وأنه بينما تأتي الاثارة أو المضايقة من الخارج الا أنه يدرك أن من الممكن تغيير ردود أفعاله نحوها و ذلك لاعادة النظر فيها و تحديدها و التعبير لفظياً عنها .

6- ” الأشياء الخطرة أو المخيفة هي أسباب الهم الكبير و الانشغال الدائم للفكر و ينبغي أن يتوقعها الفرد دائماً و أن يكون على أهبهة الاستعداد لمواجهتها و التعامل معها ” .
هذا الفرض غير صحيح لأن الهم و انشغال البابل و القلق يؤدي إلى أضرار كثيرة منها :
أ- أن يحول دون التقويم الموضوعي لامكان وقوع الاحداث الخطيرة .
ب – يحول دون التعامل معها و مواجهتها بفعالية اذا وقعت.
ج- قد يؤدي إلى وقوعها بالفعل .
د- قد يؤدي إلى المغالاة في نتائجها .
هـ- لا يحول دون وقوعها إذا كانت لابد منها .
و- يجعل الأحداث تبدو أكبر من حجمها الحقيقي أو أكثر خطورة مما هي عليه في الواقع . و الشخص العاقل يدرك أن الأخطار الممكنة لا ينبغي توقعها بصورة تورث الهم و القلق ، إذ أن ذلك لا يمنع وقوعها بل يزيد من شدة وقوعها ، و قد يكون تأثير القلق أخطر من تأثير الأحداث نفسها إذا وقعت ، و يدرك الشخص العاقل ، أيضاً أن بعض الأشياء المثيرة للخوف ينبغي التشجيع على ممارساتها اذا لم تنطو على اضرار ولم تكن لها مضاعفات و ذلك لكي يتخلص من الخوف من أشياء لا تخيف في الواقع .

7- “الأسهل تجنب الصعوبات و المسؤوليات بدلاً من مواجهتها ” .
هذا سبب غير منطقي لأن تجنب انجاز الواجبات و تحمل المسؤوليات أكثر صعوبة و أكثر ايلاماً للنفس و اثارة للمتاعب من انجازها . فالهرب من انجاز المطالب يؤدي إلى ظهور مشكلات أخرى و إلى الشعور بعدم الرضا و قد يؤدي إلى فقد الثقة بالنفس ، و الحياة السهلة ليست بالضرورة حياة سعيدة ، و الشخص العاقل هو الذي يؤدي ما يجب عليه أن يؤديه دون شكوى أو ألم و يتجنب في الوقت نفسه الاشياء المؤلمة غير الضرورية ، و عندما يجد نفسه مهملا لبعض المسؤليات الضرورية فإنه يحلل الأسباب و يدخل في عملية تأدي بذاتيو هو يدرك أن الحياة حافلة بالمسؤوليات و حل المشكلات هي الحياة الممتعة .

8- ” يجب أن يعتمد الواحد على الآخر و أن يكون دائماً إلى جانبنا شخص أقوى نثق به و نعتمد عليه “.
هذا الفرض غير معقول لأنه بينما نعتمد جميعنا على بعضنا بعضاً إلى حد ما ، الا أنه ليس هناك سبب للمبالغة في الاعتمادية لأنها تضر و تؤدي إلى فقد الحرية و تحقيق الذات كما أنها تقود إلى مزيد من الاعتمادية لأنها تضر و تؤدي إلى الفشل في التعلم و فقد و تحقيق الذات كما أنها تقود إلى المزيد من الاعتمادية و إلى الفشل في التعلم و فقد الأمان بسبب أنه يصبح تحت رحمة من يعتمد عليهم ، و الشخص العاقل هو الذي يكافح من أجل تحقيق الذات و استقلالها ، و لكنه لا يرفض المساعدة بل يبحث عنها أحياناً إلذا احتاج إليها . و هو يدرك أن المجازفات على الرغم من أنها محفوفة بالفشل الا أنها تستحق المحاولة كما أنه برى أن الفشل في أمر ما ليس شيئا مدمراً .

9- ” الخبرات و الاحداث الماضية هي المحددات الأساسية للسلوك الحاضر و المؤثرات الماضية لا يمكن استئصالها “.
و على النقيض من هذا الفرض فان ما كان يعد سلوكاً ضرورياً في الماضي في ظروف معينة ليس من المحتم أن يكون ضروريا في الحاضر . و الحلول الماضية المشكلات السابقة قد لا تكون ملائمة كحلول للمشكلات الحالية . و المؤثرات الماضية قد تؤدي الى تجنب تغيير السلوك كنوع من الهرب أو التبرير . و على الرغم من صعوبة تغيير ما سبق تعلمه إلا أن ذلك ليس مستحيلاً ، و الشخص العاقل يدرك أن الماضي هام و لكنه يدرك أيضاً أن الحاضر يمكن تغييره عن طريق تحليل المؤثرات الماضية و إثارة التساؤولات حول بعض المعتقدات المؤلمة المكتسبة و التي تضطره إلى أن يسلك على هذا النحو في الوقت الحالي .

10- “ينبغي أن يحزن الفرد و ينشغل لما يصيب الآخرين من اضرابات و مشكلات ” هذا اعتقاد خاطئ لأن مشكلات الآخرين لا ينبغي أن تكون مصدر هم كبير لنا حتى ولو كان سلوك الآخرين يؤثر فينا فأن تفسيرنا لهذا التأثير هو الذي يقلقنا أو يجزينا . و عندما يصبح الفرد مهتماً بسلوك الآخرين فإن هذا الاهتمام قد يؤدي إلى اهمال مشكلاتنا الخاصة ، و الشخص العاقل هو الذي يحدد متى يكون سلوك الآخرين مؤذياً له ثم يحاول أن يساعد هؤلاء الآخرين على التغيير و إذا لم يكن من الممكن عمل شيء فإنه يتقبل الموقف و يعمل على تخفيفه بقدر المستطاع .

11- ” هناك دائماً حل لكل مشكلة و هذا الحل يجب التوصل إليه و الا فإن النتائج سوف تكون خطيرة ” هذا افتراض غير معقول للأسباب التالية :
أ- لا وجود لحل كامل صحيح ووحيد لأي مشكلة .
ب- المخاطر المتخيلة بسبب الفشل في التوصل إلى الحل الصحيح تعد غير واقعية ، و لكن الأضرار على وجود مثل هذا الحل قد يؤدي إلى القلق أو الخوف .
جـ- الاصرار على الكمال قد يؤدي إلى حلول أضعف مما يمكن أن تكون و العاقل هو من يحاول أن يجد حلولا كثيرة و متنوعة للمشكلة الواحدة ثم يختار أحسنها و أكثرها قابلية للتنفيذ مدركاً أنه لا يوجد حل كامل بصورة مطلقة
مثل هذه الأفكار الخرافية تكاد تكون عامة ، و عندما يتم تقبلها و تدعيمها عن طريق التلقين الذاتي تؤدي إلى الاضطراب النفسي أو الى العصاب لأنه لا يمكن العيش معها بسلام ، فالشخص المضطرب غير سعيد لأنه غير قادر على التخلص من أفكار مثل ” يجب و ينبغي و يتحتم و نحو ذلك ” من المعتقدات الخرافية التي سبقت ودفاعا و شاعرا بالذنب و بعدم الكفاية و بالقصور الذاتي و عدم الضبط و عدم السعادة ، و يمكن أن يصبح على العكس من ذلك تماماً اذا استطاع التخلص من هذه الأفكار الخرافية أو هذه الانواع من التفكير غير المنطقي ، و لن يكون من السهل أن يقع فريسة شهلة للاضطراب الانفعالي أو أن يستمر اضرابه مدة طويلة على فرض حدوثه .

اترك رد