اهلا و سهلا بكم اعزائنا الزوار عبر موقعكم kwt32.com سنتحدث اليوم في هذا المقال عن الثقافة وجذورها فى الكويت :-

عند الحديث عن الثقافة في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية ، لابد من الإلمام بحالة المجتمع في تلك العصور الماضية ، التي رشحته لكي يعبر عن تطلعاته الثقافية بالحركة الفكرية المتنامية التي شكلت في النهاية ذلك النسيج الحي في العقل الجمعي المثقف.

ولكي نتناول جذور الثقافة لابد أن نستعرض النواحي والظروف السياسية والتاريخية والجغرافية والاجتماعية والنفسية والاستراتيجية والاقتصادية

 

 والدينية وغيرها التي كانت المناخ الملائم والمؤثر في تشكيل الحركة الفكرية والثقافية.

فمن الناحية السياسية :- 

نجد أن طبيعة المجتمع الكويتي وعلاقته مع حكامه على مر القرون تكشف بصورة واضحة أن مبدأ التشاور والحوار المفتوح بين الفريقين كان شعارا دائما التزم به الجميع ، وقد حدثنا المؤرخون عن بعض حكام دولة الكويت واشتراك المؤرخين والرحالة معهم في نقل قسمات صورة جميلة لطبيعة تلك العلاقة التي شكلت إرثا تاريخيا مجيدا للشعب الكويتي الذي تفرد عن بقية شعوب المنطقة بطبيعته المنفتحة دائما ، واستعداده لسماع الرأي الآخر وحرصه على وصول صوته وحمل آرائه إلى أعلى مستويات الدولة ، فقد أشارالمؤرخ سيف مرزوق الشملان إلى أن حاكم دولة الكويت الأول صباح الأول بن جابر المتوفى سنة 1776م تعهد بالتشاور مع أهل دولة الكويت في المهم من الأمور وبألا يقطع أمرا دون استشارتهم.

 

ويعزز هذه الإشارة التاريخية إلى طبيعة العلاقة الديمقراطية الخاصة بين الكويتيين وحكامهم توثيقها في تقارير الرحالين الذين زاروا الكويت والخرائط التي ظهرت فيها دولة الكويت خلال تلك الفترات التاريخية ، فقد حرص بعض الجغرافيين على أن يسجلوا هذه العلاقة المتميزة التي أدركوها في خرائطهم ، فاستخدموا اسم ( جمهورية دولة الكويت ) للدلالة على طبيعة النظام السياسي لهذا المجتمع، فهذا المناخ السياسي يوضح ملاءمة الجو تماما لإنتشار الثقافة في دولة الكويت ، ويعزز الالتزام بالحرية والديمقراطية الذي مثل مرتكزا من مرتكزات الحياة فيها على مر العصور ، وارثا تلتزم به جميع طبقات المجتمع وفئاته وتعتز به.

ومن الناحية الجغرافية :- 

فإن لموقع دولة الكويت الجغرافي الأثر في تشكيل نواة الثقافة ، فالكويت ككل الثغور ، استطاعت أن تستفيد من موقعها الجغرافي هذا ثقافيا ، فإمتدت صلات علمائها إلى الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر ، وحرص أبناؤها على الاطلاع على ما يدور في العالم المتقدم.

ومن الناحية الدينية نجد ما يأتي :- 

  • دور المسجد
    ففي أي مجتمع إسلامي لا بد أن يكون بين أبنائه من يقرأ القران ليؤم المسلمين في الصلاة ويخطب في صلاة الجمعة والأعياد ويجيد قسمة المواريث ويقوم بعقد الزواج. فضلا عن تعليم الناس الفرائض وأمور الدين. وقد وجد المجتمع الكويتي المسلم في شخص محمد بن فيروز عالم الأحساء المشهور ضالته فطلب إليه المجيء إلى دولة الكويت. فكان بذلك – بعد أن لبى الدعوة – أول عالم عرفته دولة الكويت ، وأول قاض ، وأول واعظ ومدرس.كان مسجد ابن بحر الذي أنشئ قرب الساحل مقرا لصلاته وخطبه ووعظه ، وتوفي هذا العالم في عام 1722م ، ويرجع بناء أول مسجد إلى عام 1670م مع بناء دولة الكويت تقريبا.

    وأشار المؤرخ الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السويدي البغدادي إلى أن عدد المساجد في دولة الكويت في عام 1771م بلغ 14 مسجدا . وذكر عدنان البحر في كتابه عن مساجد دولة الكويت مسجد بن بحر ، والعدساني ، والخليفة بن خميس بالإضافة إلى أحد عشر مسجدا وجدت متفرقة في أحياء دولة الكويت.

  • دور المطوع والملا
    لقد جاءت مرحلة التعليم المقصود غير الطوعي على يد معلم متفرغ وفي مكان غير المسجد ، فكانت مرحلة المطوع و الملا ، وهي أشبه بالكتاتيب في البلاد الأخرى ، وقد فرض تطور الحياة في دولة الكويت واهتمام أهلها بالتجارة وسفرهم إلى أقطار بعيدة ضرورة تطور أساليب التعليم.وهنا لجأ إلى تنظيم التعليم في عام 1887م عندما عرف ما يسمي بالتعليم المقصود الذي بموجبه يذهب الطفل في سن مبكرة إلى مكان خاص رغبة من ذويه ليتعلم القران الكريم ومبادئ القراءة والكتابة على يد الملا أو المطوع في جزء من منزله مقابل أجر يتفق عليه بحسب إمكانيات ولي أمر الطالب . وكان هذا المكان الخاص للتعليم الذي أطلق عليه اسم ” مدرسةالملا أو المطوع أشبه ما يكون بالكتاتيب ومدارس تحفيظ القران في البلدان الأخرى التي لم تكن تختلف كثيرا عن دولة الكويت في أن أساس التعليم بها تعليم ديني.

    ومن الأمور التي اهتم بها الملا أو المطوع تعليم الخط وحسن أدائه وجماله لأن صاحب الخط الجميل كان مطلوبا لدى التجار كي يعمل عندهم. كما كانت معرفة حسابات الغوص وكيفية تقسيم الدخل بين النواخذة والبحارة أمرا ضروريا رافقه معرفة حسابات الجص المستخدم في طلاء البيوت وبنائها ومعرفة حسابات الدهن الذي كان سلعة أساسية في تجارة دولة الكويت البرية مع ظهيرها البدوي في الصحراء المحيطة بها. فهذا الدور الذي يقوم به الملا كان دورا واضحا في نشأة الثقافة الكويتية إضافة إلى المساجد التي تقام بها حلقات الوعظ وتعليم القران والحديث.

 ومن الناحية التاريخية :- 

   يعد إرتباط دولة الكويت بنجد والجزيرة العربية ، صورة مصغرة عن حال  تلك المنطقة من الناحية الحضارية والثقافية بشكل عام ، وخصوصا قسمها الشرقي المطل على شواطئ الخليج العربي ، وتصور لنا لهجة السكان وعاداتهم تلك العرى الوثيقة التي تربط الكويتيين منذ القديم بأصولهم في الجزيرة العربية.

من الناحية الإستراتيجية

فيعتبر موقع دولة الكويت عاملا مهما لسرعة تطور الثقافة بها نتيجة التقاء الثقافات المحيطة بها والثقافات العالمية ، فموقعها في الركن الشمالي الغربي للخليج ، جعل منها ميناء له أهميته في إطار الحركة التجارية التي نشطت في الخليج خلال هذه الفترة بفضل التنافس بين الدول الأوربية والشركات التابعة لها على التجارة في المنطقة وعبرها ، وهذه الدول هي إنجلترا وهولندا أولا ، ثم فرنسا بعد ذلك ، فقد كان لكل من إنجلترا وهولندا عدة مراكز تجارية في أكثر من قطر أو ميناء من الأقطار الواقعة على الخليج ، ومن ناحية أخرى ، فإن هذا الموقع ، قد جعل من دولة الكويت مركزا تجاريا ممتازا على الطريق الصحراوي بين الخليج وبلاد الشام ، وقد انعكس ذلك على أهميتها وعلى طبيعة تطورها في الفترات التالية.

ومن الناحية الإجتماعية :- 

نجدها خلاصة تمازج ظروف دينية وأنماط حياتية تفرضها البيئة المحيطة بالمجتمع ومن ثم كانت حياة التجارة والغوص في دولة الكويت أحد تلك الأنماط التي أسهمت في خلق وتكريس مجموعة من القيم الاجتماعية لدى أهل دولة الكويت. فغياب أرباب الأسر في رحلات طويلة للتجارة والغوص أسهم في خلق الترابط والتواصل داخل الأسرة الواحدة. وساعد شيوع نظام الأسرة الاجتماعية الممتدة على شيوع هذه القيم. كما أن مهنة الغوص كرست مجموعة قيم لدى العاملين فيها ، متمثلة في التعاون والنظام والثقة المتبادلة والاعتماد على كلمة الشرف في المعاملات ، ونستخلص من ذلك أن هذه العوامل كفلت سهولة تدفق المعلومات ونقل الثقافة إلى المجتمع الكويتي كله.

ومن الناحية الاقتصادية :- 

كانت ممارسة التجارة وطلب الرزق تتطلب الإلمام ببعض أسس الحساب مما يتطلب المعرفة بمبادئ القراءة ، فعامل طلب الرزق والتجارة والسفر إلي كثير من المناطق ، وبخاصة الهند وأفريقيا ومعظم مناطق موانئ الخليج العربي أدي إلى التأثر الثقافي بها كنقل لغاتها وأساليبها في التفاهم ، وهذا واحد من الأسس التي ساهمت في تكون ثقافة المجتمع الكويتي .

One Comment

اترك رد