هناك العديد من الاسماء التي مرت على دولة و التي لم نذكر منهم الا المخلصين لدولة الكويت
سأقدم لكم استكمالا لسلسة شخصيات كويتية لها تاريخ عريق (3)
ما زال حديثنا موصولا حول شخصيات كويتية مرموقة كانت لهم بصمات واضحة وجلية على صدر وطننا الحبيب، كما كان لهم دور بارز في نهضتنا الوطنية في جميع المجالات، سواء الثقافية أو العلمية أو السياسية أو غيرها، لذا نذكرهم هنا مؤرّخين لحياتهم، سواء كانوا أدباء أو شعراء أو شهداء أو غير ذلك، ضحّوا لتبقى الكويت عالية، وإننا لنكنّ لهم كل التقدير والاحترام، ونقف لهم عرفاناً وإجلالاً، حيث إنهم يستحقون منا وقفة ولو بسيطة نتذكرهم فيها، وأتمنى من الله أن يطيل عمر من بقى، ويرحم من توفى، وأن يجعلهم لنا نبراسًا نهتدي بهم، من أجل أن نرفع اسم بلدنا بين مصافّ الدول.
عبد الرزاق البصير (1925-1999)
ولد عبد الرزاق إبراهيم عبد الله البصير في مدينة الكويت عام 1925م، درس في الكتاتيب، ثم انتقل إلى حلقات العلم، فدرس الفصاحة والبلاغة، أصيب في بصره وهو ابن أربع سنوات بسبب الجدري، فأشرق ببصيرته، ولقبه الأصدقاء بالبصير فاتخذه اسمًا له، عمل قاضيًا ثم مأذوناً، وكانت له صلة قوية بعميد الأدب العربي طه حسين، الذي رشحه ليكون عضوًا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة. امتلك مكتبة كبيرة احتوت على أكثر من خمسة آلاف كتاب. لم يتوان عبد الرزاق البصير عن العطاء كتابة وقراءة، وهو- كما يقال- أسخى كتّاب المقالة الكويتية قلمًا. كما أن مقالاته تكشف عن محصول وافر من الشعر قديمه وحديثه، ولقد خاض بقلمه في جميع المجالات من فلسفة الفن والتربية والرحلات إلى المسرح والقصة والنقد الأدبي والمذاهب السياسية والفكرية والدينية. امتازت آراؤه بالصراحة كما امتاز أسلوبه بالإشراق والوضوح. ومن مؤلفاته: كتاب «تأملات في الحياة والأدب» ـ كتاب «في رياض الفكر»- كتاب «شعراء مجهولون معروفون»- كتاب «الخليج العربي والحضارة المعاصرة» – كتاب «نظرات في الأدب والنقد.. وعبد الرزاق البصير» صدر عن مجلة العربي تحت مسمى كتاب العربي.
يوسف العليان
صاحب أول صحيفة تصدر باللغة الإنكليزية
يوسف صالح العليان: من مواليد 1932م، وحاصل على شهادة البكالوريوس من الجامعة الإنكليزية في لندن عام 1955م في السياسة والاقتصاد، ويتحدّث عدّة لغات منها: الإنكليزية والفرنسية والإيطالية. أمضى حياته الصحافية منذ الستينات وهو في حال تواصل دائم مع الصحيفة، حيث اعتادت أسرته الثانية بـ «الكويت تايمز» أن يلتقوا به كل نهار، وهي عادة لازمته على مدى أكثر من نصف قرن. وعندما زار السعودية ونزل في مدينة الخُبر آتيًا من لندن تعرّف على عبد العزيز الشبيلي، واصطحبه إلى جدّة لزيارة الأمير سلمان، وكان حديث التخرّج، وطلب منه أن يترجم لقاء الملك سعود مع مدير شركة أرامكو. وقد تعرّض العليان لحادث سير عام 1980م عندما كان في باريس، أقعده في الفراش لمدة ثلاثة أشهر. (بو طارق) عُرف بدماثة خلقه وتواضعه. رافق مسيرة الصحافة الكويتية، وعاصر كل رؤساء التحرير، وله زيارات وجلسات متواصلة مع أمراء الكويت من المرحوم الشيخ عبد الله السالم الصباح إلى سمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح. وبوفاة (بو طارق) تكون الصحافة الكويتية قد ودّعت أحد مؤسّسيها الأوائل كأنه أراد ألا يفارق الدنيا من دون الوداع الأخير لبيته الصحفي، فقد حرص المرحوم يوسف صالح العليان على المشاركة في آخر نشاط في جمعية الصحافيين. كما أنه بوفاة (بو طارق) تفقد الصحافة الكويتية أحد مؤسّسيها الأوائل بعد رحيل العميد عبد العزيز المساعيد صاحب دار (الرأي العام) والأستاذ جاسم المطوّع رئيس تحرير «الوطن» وهداية سلطان السالم صاحبة مجلة (المجالس). أصدر العليان أول صحيفة يومية باللغة الانكليزية في الكويت وفي الخليج العربي عام 1961م وهي «كويت تايمز»، ومازالت تصدر بانتظام، ولذلك اعتُبرت من أقدم الصحف على مستوى الخليج العربي. اختير العليان عام 2002م من قِبل جمعية الصحافيين الكويتية رئيسًا فخريًا وذلك تقديرًا لدوره في خدمة الصحافة خلفاً للمرحوم العميد عبد العزيز المساعيد، فهو أحد مؤسّسي الجمعية عام 1964م ومؤسّس ورئيس تحرير جريدة «كويت تايمز» 1961م، وقد تولى العليان رئاسة تحرير جريدة (الفجر الجديد) عامي 1991م و1992م، وشغل منصب رئيس جمعية الصحافيين الكويتية منذ عام 1978م حتى 1985م، ومن 1990م حتى 1992م.
صالح العجيري
صالح محمد صالح عبد العزيز العجيري: هو عالم فلك كويتي، ولد في الكويت في حي القبلة سنة 1921م، تلقى تعليمه الابتدائي في الكتاتيب، فتعلم اللغة العربية والفقه والحسابات ومبادئ اللغة الإنكليزية وطرق مسك الدفاتر المتعلقة بعلم الحساب التجاري، ثم انتقل إلى مدرسة لتربية الأطفال أنشأها والده في الفترة من 1922م وحتى 1928م، ثم التحق بالمدرسة المباركية عام 1937م، واستمر فيها حتى أتمّ بنجاح دراسة الصف الثاني الثانوي فقط، لعدم وجود العدد الكافي من الطلاب لافتتاح فصل جديد للصف الثالث الثانوي بالمدرسة، ثمّ عمل مدرّسًا بدائرة المعارف في المدرسة الشرقية، ثمّ في المدرسة الأحمدية، واهتم خلال هذه الفترة بعلوم الفلك فتوجّه إلى القاهرة لدراسة علوم الفلك، وفي 1 فبراير عام 1946م مُنح شهادة مدارس المراسلات المصرية من مدرسة الآداب والعلوم التابعة لجامعة الملك فؤاد الأول، وفي عام 1952م انعقدت اللجنة الفلكية العليا للاتحاد الفلكي المصري بمدينة المنصورة ومنحته الشهادة الفلكية العلمية الثانية تقديرًا لأبحاثه العلمية والرياضية القيّمة، ثمّ عاد بعدها إلى الكويت ليكمل مسيرته العلمية في علم الفلك وتوصّل إلى معلومات قيّمة، وقد أثرى المكتبة العربية بالكثير من المؤلفات الفلكية منها: (علم الميقات)، كيف تحسب حوادث الكسوف والخسوف، (خارطة ألمع نجوم السماء)، (دورة الهلال)، وتقديرًا لجهوده المثمرة في هذا المجال، منحته كلية العلوم بجامعة الكويت درجة الدكتوراه الفخرية سنة 1981م، وهي أول دكتوراه فخرية تمنحها جامعة الكويت في تاريخها، وفي عام 1988م قُـلِّد قلادة مجلس التعاون الخليجي في العلوم الفلكية.
الشاعر أحمد مشاري العدواني
شاعر كويتي، كلماته تصدع في أرجاء الوطن مع كل صباح، لم يكن الفنان الشاعر أحمد مشاري العدواني مجرد عابر في هذا الزمان وطئت قدماه لحظة في تاريخ هذا الوطن، بل كان العدواني موقفاً حاضرًا، والرجال مواقف، تعلمنا منه كيف نحب الوطن عندما أصبحنا نردّد كل يوم نشيدنا الوطني. أحمد العدواني من مواليد الكويت عام 1923م، كان والده يأخذه معه في رحلاته البرية إلى الفنطاس، حيث كانت أمسيّاتهم ولياليهم تجمع عددًا من أصدقائهم يتطارحون الشعر، وكان الطفل أحمد آنذاك يبلغ 12 عامًا يشغف بما يقولونه، حيث كان يخرج من الجلسة وهو حافظ للكثير من الأبيات الشعرية، فتكوّنت عنده من خلال هذه الأمسيّات نزعة حب الشعر وحب القراءة، خاصّة وأن مكتبة والده تضمّ الكثير من الكتب القيّمة والمجلات، وهذا ما جعله يتعوّد على حب المطالعة ومرافقة الكتاب، واستمرت هذه العادة معه طوال مسيرة حياته، بدأ تعليمه في الكتّاب، ودرس في المدرسة الأحمدية، والثانوية في المدرسة المباركية عام 1938م، وبرز من بين زملائه في اللغة العربية، وفي عام 1939م سافر إلى القاهرة مع أول بعثة تعليمية كويتية، حيث حصل على الشهادة الأهلية من كلية اللغة العربية من جامعة الأزهر، وفي عام 1949م عاد إلى أرض الوطن وعمل مدرّسًا في القبلية الابتدائية والمتوسطة، ثمّ مدرّسًا في ثانوية الشويخ عام 1954م، وفي عام 1946م أصدر مجلة (البعثة) مع صديقه الراحل حمد الرجيب، وفي عام 1952م شارك في تحرير مجلة (الرائد)، وعام 1958م عُيّن معاوناً فنيًا لدائرة المعارف، أما في عام 1963م فقد صدر مرسوم أميري بتعيينه وكيلا مساعدًا للشؤون الفنية بوزارة التربية، وفي عام 1965م نُقل إلى وزارة الإرشاد والأنباء ليكون مسؤولا عن شؤون التلفزيون، ثمّ وكيلا مساعدًا للشؤون الفنية، وفي عام 1972م قرّر مجمع اللغة العربية في القاهرة اختياره مراسلا للمجمع في الكويت، وفي عام 1973م صدر مرسوم بتعيينه أول أمين عام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، حيث تولى الإشراف على إنشائه وتأسيسه، وبفضل توجيهاته وإشرافه جرى إصدار عدد من المطبوعات المهمّة منها: مجلة (عالم الفكر) التي تولى رئاسة تحريرها منذ إنشائها سنة 1970م، وسلسلة المسرح العالمي عام 1969م، وهما من إصدارات وزارة الإعلام، ثمّ تولى الإشراف على إصدار مجلة (عالم المعرفة) ومجلة (الثقافة العالمية)، وكان الراحل أحمد العدواني وراء فكرة وإنشاء المعهد العالي للفنون الموسيقية والمعهد العالي للفنون المسرحية.
< علاقته بالأغنية: تبدأ علاقة الشاعر أحمد العدواني بالأغنية من عام 1957م حيث سُجّلت له أغنية غنّاها الفنان شادي الخليج، ولحّنها أحمد باقر، هي (لي خليل حسين)، والتي تعتبر أول انطلاقة للأغنية الحديثة في الكويت، ثم غنّى بعدها شادي الخليج أغنية «فرحة العودة» من كلمات الشاعر أحمد العدواني وألحان أحمد باقر، وكذلك أغنية ثالثة بعنوان «هولو بين المنازل»، كما قدّم الشاعر أحمد العدواني في مجال الأغنية الوطنية أغنية بعنوان «يا دارنا يا دار» غناء كوكب الشرق أم كلثوم، ومن ألحان رياض السنباطي، وقد غنّاها بعد التحرير المطرب محمد المسباح، وله الكثير والكثير من الأغاني الكويتية الجميلة. كما يعتبر الشاعر الراحل أحمد مشاري العدواني واحدًا من أهم شعراء الكويت، وقد ترك بصمات واضحة على مسيرة الشعر فيها، وكانت له رؤيته الخاصة وأسلوبه المتميّز والمتطوّر الذي تمثل في ديوانه «أجنحة العاصفة» الذي ضمّ أكثر شعره، والذي أصدره سنة 1981م. وقد توفّي الشاعر أحمد مشاري العدواني في يوم الأحد الموافق 16/6/1990م بعد أن ترك الكثير من الإنجازات الطيّبة والرائدة، والتي قدّمها خدمة للثقافة العربية عامة والكويتية خاصة وللحركة الأدبية والفنية والثقافية، رحم الله أحمد العدواني وجعل مثواه جنات النعيم.