اهلا موحبا بكم معنا عبر موقع كويت32 دوت كوم سنتحدث لكم اليوم عن مرحلة (الكتاتيب) المطوع أو الملا في الكويت..

 اقتصر التعليم قديما على الكتاتيب الذين لم تخرج الدراسة لديهم عن حفظ القرآن الكريم واللغة العربية ومبادئ الحساب و بعدها يقام احتفال يطلق عليه (الختمة)حيث ينمى الطالب دراسة القرآن الكريم ، و استمر هذا الوضع إلى أن تستقر الأمور للمغفور له الشيخ مبارك الصباح بعد الانتهاء من رد الغزوات عن الكويت ، بعدها بدأ الشيخ مبارك يضع قواعد جديدة لحركة التعليم بالبلاد في مطلع القرن العشرين خاصة بعد أن نشطت حركة التجارة فالأمر إستوجب توفير متعلمين في أصول المسائل الحسابية.
وكانت مناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف الذي اقيم في ديوان الشيخ يوسف بن عيسى ، كما أشاد البعض الآخر كلماتهم بدور المعلم و اهتمام الإسلام به ، وحث الرسول الكريم على طلبه و كان من أبرز المتحدثين المرحوم ياسين الطبطبائي الذي طالب بدفع عجلة التعليم إلى الأمام و لكن الظروف المادية لدى الكويت لم تكن سامحة لتوفير متطلبات التعليم . فجاءت البادرة في الحضور حين أعلن في الاحتفال الديني عن استعدادهم لتقديم تبرعاتهم للعلم.

وهنا لجأ المجتمع إلى تنظيمه في عام 1887م عندما عرف ما سمي بالتعليم المقصود الذي بدأ الولد بموجبه يذهب في سن مبكرة إلى مكان خاص رغبة من ذويه ليتعلم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة على يد الملا أو المطوع في جزء من منزله مقابل أجر يتفق عليه حسب إمكانيات ولي أمر الطالب.

وكان هذا المكان الخاص للتعليم يطلق عليه اسم “مدرسة” الملا أو المطوع ، وكان أساس التعليم بها دينيا وبذلك اصبح التعلم سببا من أسباب الرزق لبعض المتعلمين في المجتمع.

ومن الأمور التي اهتم بها الملا أو المطوع تعليم الخط وحسن أدائه وجماله لان صاحب الخط الجميل كان مطلوبا لدي التجار كي يعمل عندهم.

كما كانت معرفة حسابات الغوص وكيفية تقسيم الدخل بين النواخذة (ربابنة السفن) والبحارة أمرا ضروريا ، رافقه معرفة حسابات الجص المستخدم في طلاء البيوت وبنائها ، ومعرفة حسابات الدهن (السمن) الذي كان سلعة أساسية في تجارة الكويت البرية مع ظهيرها البدوي في الصحراء المحيطة بها وبخاصة الظهير النجدي حيث عرفت التجارة مع هذا الظهير في تاريخ الكويت ” بالمسابلة ” نسبة إلى سبيل أي طريق.

من علماء الكويت الذين اهتموا بتعليم الناشئة في هذه المرحلة الملا قاسم وأخوه الملا عابدين 1883م والملا راشد الصقعبي ابن شرهان 1888م والسيد عبد الوهاب الحقان 1890م الذي تتلمذ على يديه الشيخ يوسف بن عيسي القناعي ، ومنهم الملا عبد الله بن خلف بن دحيان والملا حمادة وابنه قاسم والملا زكريا الانصاري ، الملا عثمان …. الخ والعدساني الأسرة التي اشتهرت بالقضاء في الكويت أبا عن جد.

أما تعليم الحساب بعملياته الأربع المعروفة فلم تعرفه الكويت إلا في عام 1892م عندما زارها الملا علي بن عمار وعمل محاسبا في ديوان الأمير.

وبلغ عدد هذه المدارس التي كانت مشابهة للكتاتيب نحو 35 في عام 1935م منها 25 للبنين ، 10 للبنات وفي عام 1935م نفسه كان هناك مدرستان هما المباركية والأحمدية بهما حوالي 2500 طالب وطالبة إضافة إلى هذه الكتاتيب.

مورد رزق الملا

وفي هذه المرحلة عرف أولياء الأمور أنواعا من الأجر الذي يدفع للملا أو المطوع وقد دفعوها عن طيب خاطر مع ضيق الحياة وشظفها وضعف الكسب فيها وكان منها

كان مورد رزق الملا من رسوم تدفعها التلاميذ إليه بمناسبات، ولكل رسم اسم خاص.

1ـ الدخالة: رسم يقدمه ولي أمر الطالب عندما يلحقه بمدرسة هذا الملا وهي على مقدار المعطي، فإن كانت دسمة ” سمينة ” صرف الأولاد ليشهروا أمر دخول هذا الولد عنده كدعاية له بأنه يعلم أبناء الوجهاء والأغنياء.

2ـ الخميسية: ضريبة يدفعها التلميذ صباح كل خميس، كل على حسب استطاعته من آنة واحدة أو أكثر والآنة تقل عن خمسة فلوس، أو قليل من الرز الناشف، أو الحنطة الناشفة أو التمر.

3ـ النافلة: صدقة يدفعها ولي أمر الطالب الغني أو المتوسط الحال إلى الملا في الأيام الشريفة، كيوم المولد النبوي، أو يوم المعراج، أو صباح ليلة القدر. أو صباح ليلة النصف من شعبان.

4ـ العيدية: ويقدمها التلميذ للملا صباح العيد أو في أسبوعه، وتكون مناسبة لحالة ولي أمر التلميذ المادية.
5ـ الفطرة: صدقة الفطر، حق من حقوق الملا على كل ولد يقرأ عنده، وهي عادة ستة أرطال من الحنطة أو التمر. أو من قوت البلد المعتاد وهو الرز.

6ـ الجزء: وهي رسوم يقدمها الطالب في أثناء دراسته، والقرآن مجزأ حسب اصطلاحهم إلى ثلاثة عشر جزءاً غير أجزائه الثلاثين وهي بالترتيب ـ الحمد ـ تبت ـ لم يكن ـ الفجر ـ عم ـ تبارك ـ الذاريات ـ قل أوحي ـ الرحمن ـ يس ـ النصف ـ أو الكهف ـ براءة ـ الختمة.

وكلما وصل التلميذ إلى جزء من هذه الأجزاء وجب عليه أن يهدي المعلم مبلغا نقدياً، ولا بد أن تكون الهدية التالية خيراً من سابقتها.

7ـ الختمة: كانت العادة في أن تكون هدية الختمة من عشرين روبية إلى مائة حسب قوة ولي أمر الطالب، وإن كان غنياً أصحبها بكسوة وهي عادة ” بشت، وغترة، ودشداشة، ووزرة. والبشت: العباءة، والغترة بالغين غطاء الرأس أو الكوفية والدشداشة لباس الكويتي المعروف، والوزرة هي الإزار.

أما من يدخل ولده ” قطوعة ” يعني بأجر محدد بعقد على تختيم القرآن، فهذا لا يدفع دخالة، ولا خميسية. ولا جزء، ويكون الدفع عند الختمة، إلا إذا كان في العقد شرط على مقدم ومؤخر أو أقساط.

وأما الفقير من التلاميذ فيدفع رسم الختمة مما يستجديه من المحسنين بقراءة التحميدة، وهي أرجوزة يستمطر بها إحسان ذوي الإحسان ليكافئ الملا الذي ختمه القرآن.

وقد جرت العادة أن لا يرد الناس مثل هذا ولو بدفع اليسير، وكلما تجمع له من هذا الطواف دفعه إلى الملا. وقد يرسل الملا معه من يراقب طوافه ويحاسبه على كل ما حصله. وآخر عهدنا بالتحميدة منذ سنة 1942م.

لا بد لكل ملا من خليفة يسمى عندهم ” ريس ” محرفة من رئيس، وهذا لا بد أن يكون ممتازاً بخطه وحفظه، وربما بقرابته من المعلم، أو بوجاهة أبيه في المحلة، وهو يقوم مقام الملا في كل شؤونه، وربما في عقاب الجاني أيضاً. وكان الملا دكتاتوراً في مدرسته وعلى تلاميذه، لا يبدل القول لديه، ولا يقال له لم؟ وكيف؟ ، ويجب أن يظهر أمامهم بكل ما يستطيع إظهاره من غطرسة وعبوس.

ولكل ملا عصوان: أولاهما ” المطرق ” : وهي بطول باع 6 أقدام أو أقل يستعملها إذا كان جالساً لتمتد إلى ظهور الأولاد القريبين منه، وأرجل وأفخاذ البعيدين عنه، والثانية بطول قدمين أو أكثر تستعمل ” للضرب المبرح ” والعقاب الشديد، يدخل الملا مكتبه على عجل وعلى غفلة من الأولاد، وبيده المطرق ” تلك العصى الطويلة” .

فإن صادف مذنباً أمر أن يطرح أرضاً وأن توضع رجلاه بالفلقة، وإن لم يسعفه الحظ بمذنب، ضرب بالمطرق خمساً أو عشراً على الماشي ترهيباً لهم. وهكذا ترتفع أصوات التلاميذ بقراءة شيء أو لا شيء . وقد فهم العامة من الملا أن العصا وهبها الله لآدم من الجنة ليؤدب بها أولاده. وأن بكاء الولد حين تأديبه رحمة لوالديه. وأن الضرب وقت تعليم الولد يزيد في ذكائه. وحفظوا من الملا هذا البيت:

فرحم الله الذي أبكاني
لأنه للخير قد هـداني

لكن هذه العقوبات قلما ذاقها أبناء الأغنياء أو الشيوخ.
ومن أمثالهم يومئذ ” طق الكب . يستأدب الفهد ” أي اضرب أولاد العامة يتأدب أولاد الخاصة. وعندهم من وسائل العقوبة، الفلقة ويسمونها الجحيشة ويقلبون جيمها ياء ” ولعلهم أخذوها من ذلك الجحش ” والجحيشة عصا غليظة غالباً تكون: بطول متر ونصف المتر وغلظ بوصتين فأكثر، فصل بين كل ثلث من طولها بثقب أدخل فيه طرف حبل بطول العصا ليتدلى وسطه ويتسع لإدخال رجلي الولد فيه ثم تدار العصا ليلف باقي متسع الحبل عليها ويضيق على رجلي الولد فلا يستطيع تحريكهما. ثم يبدأ الملا بالضرب بقسوة فيظل الولد يتلوى من الألم ورجلاه في الجحيشة لا يقدر على إخراجهما حتى يطيب خاطر الملا أو يعجز أو يعتقد أنه أدى الواجب: واجب التأديب.

وقد يبقى الولد يومه لا يقدر على المشي من شدة ألم رجليه. وفي المدرسة غير ذلك” الصنقل ” وهي سلسلة حديد ذات حلقات غليظة، طولها نحو مترين ونصف المتر تزن ما بين 13و 15 رطلاً ثبت طرفها إلى خشبة تزن نحو ستة أرطال، ويربط طرفها الثاني في ساق الولد بقفل، يحفظ مفتاحه عند الملا. وتبقى السلسلة مع الولد طول اليوم.
وربما حرم من وجبة الغداء بالحبس في المدرسة ومن أمثالهم ” العافية بأطراف الجوع” وقد يمنع من الانصراف بعد العصر، ويبقى في المدرسة إلى المغرب. وربما ذهب بها إلى البيت ونام معها في الفراش وأصبح يصحبها إلى المدرسة.
وقد ترافقه اليومين والثلاثة إذا كان ذنبه كبيراً.

قلما نجا من قسوة الملا وبطشه ولد مهما كان سلوكه حسناً إذ أنها ليست مقصورة على عبثه في المدرسة أو تأخيره في حضوره أو تقصيره في عمله الدراسي، بل إن أكثرها تأتي من تهم خارجة عن محيط المدرسة والدرس. كشكاية ولد من الطريق أو لعداوة بين التلميذ والريس، أو صديق للريس. والأسباب الواهية كثيرة، والملا يحبها ليظهر أمام آباء الأولاد بمظهر الحازم القوي.
والأمين الذي لا يغفل عن أداء الواجب في المحافظة على أولاد من أودعوه أولادهم. لذلك كانت النتيجة كراهية الولد للمعلم. والهرب من المدرسة هي عنده أشبه بالجحيم.

فإذا ما هرب المسكين من المدرسة وعلم ولي أمره بذلك جاء به إلى الملا وقال له” ملا جزاك الله خيراً. هذا الأسود الوجه. عندك إياه. لك اللحم ولنا العظام” يعني ، اضرب طرباً يؤلم الجلد. ولا تكسر عظما. عندها حدث عن خوف الولد المسكين.
فكم منهم من جن. أو أغمي عليه. أو بال في ثيابه . أو ألقى نفسه من السطح فراراً من غضب الملا وبطشه.
وأما من أرغمه أولياء أمره على المثابرة وتحمل آلام التعلم، فقد قاسوا الكثير من موت إراداتهم وضعف نفوسهم. واضطراب تفكيرهم. وموت بعضهم.

وأما من حرموا التعلم. وقاسوا مرارة الأمية كباراً. فإنهم يذكرون باللعنة ذلك الملا وسوء معاملته. ولن ينسوا مهما بلغت بهم السن ما كان بينهم وبينه من بغض وخوف.

One Comment

  1. مقال دسم يستحق القراءة

اترك رد