ما حاجة حقوق الإنسان للدين

بقلم:د. حنا عيسى

 

حقوق الإنسان، هي الحقوق والحريات المستحقة لكل شخص لمجرد كونه إنسانا. ويستند مفهوم حقوق الإنسان على الإقرار لجميع أفراد الأسرة البشرية من قيمة وكرامة أصيلة فيهم، فهم يستحقون التمتع بحريات أساسية معينة. وبإقرار هذه الحريات فإن المرء يستطيع أن يتمتع بالأمن والأمان، ويصبح قادراً على اتخاذ القرارات التي تنظم حياته. وهي ليس لها تعريف محدد بل هناك العديد من التعاريف التي قد يختلف مفهومها من مجتمع إلى آخر أو من ثقافة إلى أخرى، لان مفهوم حقوق الإنسان أو نوع هذه الحقوق يرتبطان بالأساس بالتصور الذي نتصور به الإنسان، والأمم المتحدة فقد عرفت حقوق الإنسان بانها(ضمانات قانونية عالمية لحماية الأفراد والجماعات من اجراءات الحكومات التي تمس الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية، ويلزم قانون حقوق الإنسان الحكومات ببعض الأشياء ويمنعها من القيام باشياء أخرى)، أي ان رؤية المنظمة الدولية لحقوق الإنسان تقوم على أساس انها حقوق أصيلة في طبيعة الإنسان والتي بدونها لا يستطيع العيش كإنسان. وتكفل القوانين وتضمن الأنظمة التشريعية في معظم بلاد العالم صيانة حقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الأنظمة لا تكون، دائماً، فعالة، وتعجز معظمها عن إقرار بعض حقوق الإنسان. إلا أن المعايير العالمية تضمن إقرار هذه الحقوق عندما تعجز الحكومات عن حمايتها.

 

 

حقوق الإنسان “مؤسِّسةٌ الأخلاقٍ” وذلك من خلال القيم الموجبة التي تُشيعها بين المتعارفين عليها العاملين على نشر منافعها، وإن الإسهام الديني في تأسيس الحقوق الإنسانية وحمايتها من أي اعتداء هو من صميم المقاصد الشـرعية. والجهود البشرية والتشريعات السماوية يمكنها السير جنباً إلى جنب لتثبيت وحماية هذه الحقوق.

وحقوق الإنسان مؤسِّسةٌ الأخلاقٍ” من خلال القيم الموجبة التي تُشيعها بين المتعارفين عليها العاملين على نشر منافعها. والأساس في تلك الأخلاق مصدران :
1. القيم الإنسانية التي اهتدى إليها الإنسان عن طريق العقل، والتمييز بين الخير والشر، والمنفعة والمضرة، والحسن والقبح … إلخ . فالثورة الفرنسية التي رفعت شعارات الحرية والأخوة والمساواة، سرعان ما دولت تلك الشعارات في صورة حقوق إنسانية عالمية .
2. الشرائع الإلهية السماوية : ونتذكر أن الإسهام الديني في تأسيس الحقوق الإنسانية وحمايتها من أي اعتداء، من صميم المقاصد الشـرعية، وما حلف الفضول الذي تأسس قبل الثورة الفرنسية بقرون، للدفاع عن الإنسان وحماية حقوقه، ـ ولو في وطن الغربةـ منا ببعيد.

 

– الأديان هي التي تنمِّي العديد من الأحاسيس والمشاعر المؤيدة لحقوق الإنسان والمعارضة لانتهاك تلك الحقوق. فالأديان والمذاهب، من خلال تأكيدها على العدالة والمحبة والرحمة، تولِّد في البشر أحاسيس ومشاعر قيّمة تجاه أقرانهم (بل وأيضاً تجاه الحيوانات والنباتات)، لذلك من شأن الأديان والمذاهب أن تكون أفضل ضامن لاحترام حقوق الإنسان.
– الأديان والمذاهب تقدّم تفسيرات تبرر قبول حقوق الإنسان. ففي الفكر العلماني، وفيما يتعلق بعلم حياة الإنسان، فإن كل فرد يستحق أن يحظى بحقوقه كإنسان. ولكن فى الوقت نفسه يمكن للأديان والمذاهب أن تفسّر حقوق الإنسان ذاتها على أسس أخرى من منطلق أنهم خلقوا من قبل خالق واحد وبأنهم سواسية عند الله، لذلك فإنهم يتمتعون بحقوق مشتركة ومتماثلة.
– إذا لم تبالي حقوق الإنسان بالدين، فإن العديد من المؤمنين سيشكّكون بها. فمن الأسباب التي تدعو الحكومات الدينية التي تنتهك حقوق الإنسان إلى التطرق دائما لمبادئ حقوق الإنسان غير الدينية، بل والمناهضة للدين أيضاً، هي أنهم يسعون إلى تشكيك المؤمنين تجاه حقوق الإنسان والمدافعين عنها، وبذلك يحاولون ان يخفّفوا من حدّة المعارضة التي يواجهونها حيال انتهاكاتهم لتلك الحقوق. لذلك يجب على المدافعين عن حقوق الإنسان ألاّ يسمحوا بأن يفسَّر الدفاع عن هذه الحقوق بأنه دفاع عن ظاهرة غير دينية أو منافية للدين، وهذا الأمر سيؤدي إلى إطلاق يد الأفراد والمنظمات التي تُقْدم على انتهاك حقوق الإنسان باسم الدين.

 

تعليق واحد

اترك رد